الأحد، 17 مارس 2013

العالم يحتفى بالنساء والإخوان يسقطون تاريخهن !



العالم يحتفى بالنساء والإخوان يسقطون تاريخهن

ربما أن الروائية الإنجليزية «فرجينيا وولف» عندما قالت: «إن الحضارة التى تقمع المرأة لا يمكن أن تكون حضارة» منذ ما يقرب من المائة عام، لم تكن تعلم أن السنوات التى تسير إلى الأمام هى فى الحقيقة تسير بسرعة أكبرإلى الخلف، فكل الثورات التى قامت فى العالم قامت من أجل حريات البشر ، بغض النظر عن النوع، فالحرية الإنسانية سمة الإنسان بشكل عام، وعلى هذا فإذا كانت المرأة المصرية خاضت ثورات كثيرة جنباً إلى جنب مع الرجل من أجل حريتيهما معاً، فقد أصبح لازماً عليها الأن أن تحارب على جبهتين، الأولى: من أجل حريتها والثانية: من أجل حرية الرجل.
يحتفل العالم كل عام فى الثامن من مارس باليوم العالمي للمرأة ، والاحتفال بهذه المناسبة جاء على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي الذي عقد في باريس عام 1945. على الرغم من أن بعض الباحثين يرجح ان اليوم العالمي للمرأة جاء على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة. حين خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف غير الإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسئولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية. وفي الثامن من مارس من سنة 1908 عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية، لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية شعار «خبز وورود». وطالبت المسيرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع. شكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب، وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليدا لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909.
وبهذه المناسبة دعت منظمات وأحزاب ومبادرات نسائية كل نساء مصر إلى مسيرات ووقفات بالقاهرة والمحافظات ، تحت عنوان «نساء مع الثورة» للإعلان عن رفضهن العنف ولمساندة نساء بورسعيد والمنصورة والمحلة والزقازيق، لما تشهده هذه المحافظات من أحداث ساخنة، بينما اعتبرت المنظمات العالمية هذا اليوم بمثابة المظلة التى توحد بين نساء العالم، لم تكتف حكومة الإخوان بما تتعرض له النساء من انتهاكات لحقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية، وما أكدته آلياتهم من أن النظام المصري الحاكم لا يحترم المواطنة الكاملة ولا المساواة أمام القانون. فقد كانت الهدية التى قدمتها حكومة الإخوان لنساء مصر فى عيدهن، هى إسقاط دورهن كاملاً من التاريخ، وتغييب وعى الأجيال القادمة عما تكبدته الجدات من أجلهم. فمعدل تقدم الأمم يقاس بما تلقنه هذه الأمم من مناهج تعليمية لأبنائها، والذى يعد اللبنة الأولى لعقول أى نشء، وهذا ما تعيه كل الأنظمة الحاكمة جيداً، لذلك كان أول ما قامت به حكومة الإخوان هو إلغاء كل ما يخص دور المرأة المصرية من المناهج الدراسية، وهو ما فوجئ به طلاب المرحلة الإعدادية مع بداية الفصل الدراسى الثانى، حيث تم توزيع نشرات على جميع المدارس بإلغاء أجزاء كبيرة من المنهج الدراسى لمادة التاريخ ، و من أهم ما تم حذفه هو ما يتناول دور المرأة المصرية بداية من دورها فى مرحلة ما قبل ثورة 1919، حتى دورها فى ثورة 25 يناير. وأول الشخصيات التى تم حذفها كانت شخصية جميلة حافظ.
وتعتبر جميلة حافظ أول مصرية تعمل بالصحافة و تصدر صحيفة نسائية وهي «الريحانة» التي اصدرتها أسبوعية بحلوان فى عام 1908،ثم تبعتها الصحفية منيرة ثابت التى تعتبر أول صحفية نقابية وأول كاتبة سياسية وأول رئيسة تحرير لجريدة سياسية،حيث اصدرت جريدتين سياسيتين في وقت واحد ،إحداهما يومية ناطقة باللغة الفرنسية واطلقت عليها اسم (الامل) والاخري عربية أسبوعية تحمل نفس الاسم وكانت الجريدتان تطالبان بحقوق المرأة السياسية والاجتماعية وخاضت مجلة الأمل قضايا نسائية مثل حملة الدفاع عن حق المدرسات في الزواج مع الاحتفاظ بوظائفهن وقد نجحت الحملة وأقرت وزارة المعارف هذا الحق، وتبنت قضية النساء العاملات، وهاجمت مصلحة التليفونات لفصلها الآنسة فتحية محمد، ونجحت الحملة في إعادة العاملة إلي وظيفتها، كما كانت أول فتاة عربية تقف أمام النائب العام المصري وهي تحت السن القانونية للعقاب ليحقق معها بنفسه في جريمة قذف صحفي وهكذا بدأت حياتها العملية واعترفت الدولة رسميا بصفتها الصحفية وعمرها ١٧ عاما وقد جري التحقيق معها بأمر صادر من دار المندوب السامي البريطاني في مصر إلي رئيس الوزراء المصري الذي حوله إلي وزير الحقانية «العدل» للتنفيذ ولكن تم إعفاؤها من المسئولية الجنائية «جرائم النشر» لصغر سنها وكان ذلك عام ١٩٢٦ وفي صيف هذا العام قيد اسمها كصحفية عاملة في النقابة الأهلية الأولي التي كانت قد تأسست في نفس التوقيت ولهذا أطلق عليها لقب عميدة الصحفيات المصريات و توفيت في سبتمبر ١٩٦٧ بعد حياة حافلة.
وكذلك تم حذف الجزء الخاص بالسيدة هدى شعراوى و انتخابها رئيساً للجنة الوفد المركزية فى 1920 ومشاركتها فى أول وفد نسائى عالمى بروما من خلال مؤسسة الاتحاد النسائى.
وإذا كانت ثورة 1919 تمثل حجر زواية فى تاريخ مصر الحديث حين اشتعلت الثورة الشعبية فى كل فئات الشعب المصرى، فإن مشاركة المرأة المصرية فى هذه الثورة كان من أهم لقطاتها، فقد ظهرت المشاركة الإيجابية النسائية فى صورة لم يعتدها المجتمع لفترة طويلة من السنوات وذلك بخروجها لأول مرة فى المظاهرات الحاشدة والمنظمة إلى الشوارع، وسقطت أول شهيدتين خلال المظاهرات وهما السيدتان (حميدة خليل) و(شفيقة محمد) للدفاع ومؤازرة زعيم الثورة سعد زغلول ومعارضة لجنة (ملنر)، بالإضافة لعقد العديد من الاجتماعات، وكان أهمها الاجتماع التى عقد بمقر الكنيسة المرقسية رداً على الإنجليز للوشاية والتفرقة بين عنصرى الأمة المسلمين والأقباط ، وفى عام 1920 تم تشكيل لجنة الوفد المركزية للسيدات نسبة لحزب الوفد بزعامة سعد زغلول، وانتخبت السيدة هدى شعرواى رئيساً لها، واستمر كفاح المرأة المصرية الاجتماعى والسياسى مواكباً لأحداث مصر الكبيرة وأهمها قيام حرب فلسطين عام 1948. وكانت منيرة ثابت تعيب علي الدستور الذي صدر في ١٩ أبريل سنة ١٩٢٣ أنه أغفل الحقوق السياسية للمرأة وكان هذا أول صوت يرتفع صراحة ويطالب بإعطاء المرأة المصرية حق ممارسة الواجبات والحقوق الدستورية كناخبة.
كذلك مما حذف تقليد الرائدة حكمت ابو زيد منصب وزير ة للشئون الاجتماعية كأول امرأة مصرية تتولى منصباً وزارياً، وكذلك تعيين الدكتورة عائشة راتب ذات المنصب فى 1971، وأيضاً حذف دور المرأة النيابى من خلال حذف فقرة تعيين الدكتورة أمال عثمان فى منصب رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب ، ويستمر الحذف حتى الفقرة الخاصة بالدكتورة تهانى الجبالى و تعيينها كأول قاضية فى مصر فى 2003 بالمحكمة الدستورية العليا، وتعيين أمل عفيفى فى 2008 كأول مأذون شرعى فى مصر و العالم الإسلامى، وتعيين أول امرأة مصرية فى منصب العمدة فى أسيوط.
إن كل ما حققته المرأة المصرية على مدى عقود لم يكن هبة من أحد، كى يأتى غيره ويسلبها إياه، والمشهد يؤكد أن هذه ما هى إلا البداية فقط، وأن سلسلة القمع الخاصة بالمرأة المصرية طويلة، وأنها قد بدأت بالفعل.
و بمناسبة اليوم العالمى للمرأة، وما تتعرض له المصريات من كل أشكال العنف الممنهج، أصدرت المنظمات الحقوقية بياناً أدانت فيه الهجمات الأمنية الشرسة التي تتعرض لها الناشطات والمشاركات في الصفوف الأولى للاحتجاجات، قائلا «لايمكن أن نغفل استهداف النساء واستخدام العنف الجنسي ضدهن».
كذلك كشف أحدث تقرير لجهاز التعبئة العامة والاحصاء التابع للحكومة المصرية عن وضع المرأة في مصر، أن أكثر من ثلث شاغلى وظائف الإدارة العليا بالحكومة من الإناث بنسبة 36.5%.
فيما أشار التقرير السنوي لـ «المركز المصري لحقوق المرأة» الى أن مصر احتلت المركز الأول فى الدول التى تراجعت فيها مكانة المرأة السياسية، إذ تشغل مصر المركز 95 من بين 125 دولة من حيث وصول النساء للمناصب الوزارية، مع توقع مزيد من التراجع لعام 2013 مع التعديلات الجديدة التي خلت من تمثيل المرأة، كما احتلت مصر المركز الأخير من حيث تقلد المرأة لمنصب المحافظ بواقع «صفر».
كذلك أكد البيان أن المرأة المصرية احتلت المركز الأول فى قائمة الدول التى تراجعت فيها الفرص الاقتصادية للمرأة، حيث احتلت مصر المركز 124 من 132 دولة من حيث الفرص والمشاركة، كما احتلت المركز الثاني في التحرش الجنسي بعد أفغانستان.
ويرى المراقبون أن حالات العنف الاجتماعي في مواجهة المرأة المصرية تتزايد بشكل مرتفع، عن طريق الضرب وممارسة الضغط النفسي والاستغلال، بما يدعو للقلق على مستقبل دور المرأة في المجتمع، رغم أن المرأة كانت تتقدم المشهد السياسي فى ثورة 25 يناير، وشاركت فى فعاليات إسقاط النظام السابق و ما زالت تشارك.


اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - العالم يحتفى بالنساء والإخوان يسقطون تاريخهن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق