الجمعة، 24 أغسطس 2012

الـتـحـرش .. و علاقة الـمـصـريـيـن بــ الجنس



التحرش الجنسى اصبح افيون الشباب في مصر 2000-2010، فهو يجرى في المواصلات العامة و الشوارع، و لكن ما لم ترصده ايا من الدراسات المشار اليها سلفاً هو مدى سلبية و خنوع المواطن المصري في التصدى لهذا الامر.
فاليوم يجرى التحرش الجنسي بالفتيات و النساء في الاتوبيس العام، الذي يحتوى علي اكثر من 50 فرد، و ربما يصل الي 100 راكب، و تجد بين هؤلاء لا يوجد رجل واحد يتحرك لمنع التحرش اذا ما رأه، بل ان رؤية التحرش اليوم اصبحت عامل اثارة للرجل فيشارك في التحرش اذا ما كانت لديه الجرأة، بل و لن استغرب مستقبلاً اذا ما عرفنا ان هنالك من يمارس الاستمناء علناً في المواصلات لدى رؤيته التحرش الجنسي.
اختفت و انسحقت "المرجلة" في الشارع المصري، واصبحت نادرة، تستحق ان نقيم لها متحف خاصاً بها الي جوار المتحف الفرعوني.
النساء يتحرشن بالرجال

دعك من التميمة الاساسية الا و هى القاء اللوم علي الانثي ايا كانت، سواء محجبة
او منقبة، علماً بأن الدين الاسلامي – و اي دين – لم يشجع اغتصاب او التحرش بالمرأة السافرة، او حتى العارية، و بالتالي فأن المنطق الذي يتحدث به البعض بألقاء اللوم علي الفتيات السافرات العاريات هو من الناحية الدينية منطق مغلوط، و من الغريب حقاً أن نراه يصدر في معظم الاحيان من شخصيات محافظة او متدينة.
يخرج عليك شاب أو رجل يبدو عليه ملامح الثقافة، يتحدث عن النساء التي يتحرشن بالرجال بالقول أن ارتداء النساء للملابس الفاضحة يعتبر تحرش بالرجال، أو من يقولون لك أن المتحرش شخص مكبوت سياسياً و يفرغ عن كبته بهذا الفعل !! ، المتحرش من وجهة نظرهم اصبح يدافع عن نفسه ضد النساء و تارة اخري اصبح مناضل سياسي !!.
وسطرت كتب و مقالات لهذا الفكر الشاذ .. شاذ لان اصحابه لا يطالعون ما يجري في مجتمعنا، فالمتحرشيين يتحرشون اليوم بالمنقبات و المحجبات داخل المساجد، فلا ادري اين هنا الملابس الفاضحة و اين هنا التحرش برجولة المتحرش ؟؟ .. اما عن كون المتحرش مناضل سياسي فيكفي معرفة و رؤية "أشكال" المتحرشين الهمجية والمتخلفة و التي تنتمي الى قاع المجتمع و التي تدل على ان اصحابها من طبقات لا تفقه في العمل السياسي من الاساس حتي يسقط هذا الفكر الشاذ، لقد نفض المصريين عن عيونهم الحياء و الخجل، و اسقطوا بلا رجعة فريضة غض البصر.
ولا اعرف حقاً كيف يعرف اصحاب هذا الفكر الشاذ الاخلاق التي تنص على عدم التحرش، أو النصوص الدينية التي تنص على حرمة هذا الفعل، هل طلب منا الله غض البصر حيال المحجبات و المنقبات فحسب ؟؟ الم يكن النص الديني والالتزام الاخلاقي ينص على الجميع بلا استثناء ؟؟ .. الشخص الذى يدعى ان الانثي بملابسها الفاضحة تحرشت به هو شخص اساساً غير ملتزم دينياً أو أخلاقياً لانه لو ملتزم دينياً لغض البصر و لما نظر فشعر بما يدعى انه شعر، و لو كان ملتزم اخلاقياً لما فكر من الاساس في هذا الفكر الشاذ الخارج عن فطرة و رجولة الانسان.
ومن المثير للدهشة ان نعرف، أن فكرة مرور إمراة في ممرات الاتوبيسات العامة المصرية او عربات القطار او المترو وسط اجساد الرجال و احتكاكها بهم هو امر اساساً يندرك تحت بند هتك العرض، حتي لو كان هذا التلامس غير مقصود، و ذلك وفقاً للقانون الدولى، و مع ذلك، اصبح الامر شيئاً عادياً، بل و لا تستحي منه المرأة نفسها، بعد ان رسخ الزحام ثقافة في نفوس البشر متنافية مع ابسط حقوق الانسان و الدين، وكلاهما بدوره وجهان لعملة واحدة تتسق مع المفهوم العام للحرية.

ورغم ان المؤسسة الامنية لدينا تمنع الارهاب و تحفظ امن الرؤساء و الزعماء والوزراء وابنائهم وكوادر الحزب الحاكم، الا انها لا تتواجد ابداً في اي حادثة تحرش
او اغتصاب، كانما حماية الشعب ليست ضمن نطاق عمل المؤسسة الامنية، و تبلور هذا المفهوم منذ سنوات حينما رفضت الشرطة شعار "الشرطة في خدمة الشعب"، كأنما هنالك عيب خطير في أن تكرس الشرطة عملها لخدمة الشعب.
الغريب انه قديماً كانت المرأة تسير في الشوارع بكل حرية، دون ان يمسها احد فما الذي جرى اليوم ؟؟
وماذا عن زنا المحارم؟؟ بل و الزنا بوجه عام الذي انتشر ؟؟ و عن شرب الخمور؟ وتعاطى المخدرات ؟؟، و لماذا اصبح كل هذا فخراً لمن يفعله ؟؟
.........
.........

و لعل الارقام القياسية التي يسجلها الرجل المصري في التحرش الجنسي تفتح الباب للحديث عن علاقة المصريين بالجنس، فهل الرجل المصري فحل بهذه الدرجة التي تجعله يتحرش بكل ما تطوله يده من نساء ؟؟

في الواقع يمكني بكل بساطة أن اعرض الدراسات التي تتحدث عن كون المتحرش لا يقوم بذلك لسبب جنسي من الاساس، و ان الامر في مجمله استفزازي بحت، وان المتحرش لا يطمع الا في رؤية نظرة الضعف و الهوان في عين المتحرش بها، أو انه يري ان هذا حقاً مكتسباً له لمجرد انه قادر على ذلك، او يمتلك الفرصة التي تجعله ينال من هذا، فالامر في مجمله بعيد كل البعد عن الجنس، انه استباحة عروض و كرامة الغير و رغبة في رؤية اي شئ مكسور و محطم امام شعور زائف بالقوة و السيطرة، بالاحري ان التحرش لا يدل على القوة الجنسية، بالعكس .. انه يدل على حالة ضعف جنسي عام، المصريين يتعاطوا بالمليارات سنوياً – كما سوف يأتي في السطور
المقبلة – منشطات جنسية و مخدرات لممارسة الجنس و اعمال سحر من اجل ممارسة الجنس.
و لكن سوف نحاول أن نفهم علاقة المصريين بالجنس وفقاً لارقام معلنية :
1 – الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري أكد أن مصر تشهد حالة طلاق كل ست دقائق بمعدل ‏240‏ حالة طلاق يوميا‏، المتزوجين حديثاً يتطلقون في العام الأول بنسبة 34% ، بينما تقل النسبة إلى 21.5 % خلال العام الثاني من الزواج !!.
2 – الدكتورة هبة قطب تؤكد أن نحو 80 في المائة من حالات الطلاق في مصر سببها المشاكل الجنسية، وتقول قطب لـCNN "في معظم الحالات فإن الأزواج ببساطة لا يعرفون كيف يتعاطون جنسيا مع شركائهم.. أنا أعطيهم المعلومة.. وأقول لهم هذا خطأ.. وهذا صحيح.. وعليك أن تفعل كذا وكذا،" وتضيف "غالبا الأمر يعود لأن الرجال والنساء لا يتواصلون جيدا."
3 – جريدة اليوم السابع بتاريخ 9 يوليو 2010 : 81 % من المصريين غير سعداء جنسياً، أسامة خالد في مقاله بجريدة المصري اليوم بتاريخ 1 يوليو 2010 يناقش الاحصائية ذاتها.
4 – مؤتمر الصحة الجنسية لدي العرب الذى انعقد بالقاهرة تحت رعاية جامعة القاهرة في اغسطس 2009 أشار الى ان 77 % من المتزوجين لديهم مشاكل تتعلق بالجنس، 18 % من الشباب فوق العشرين سنة مصابين بعجز جنسي، 50 % من الرجال فوق سن الاربعين مصابين بعجز جنسي !!، 90 % من المصابين بالعجز الجنسي في مصر لا يعترفون بذلك و لا يفكرون بتلقي العلاج !.
هذه الارقام كلها توضح انهيار العملية الجنسية و الفعل الجنسي لدي المصريين، عجز جنسي و طلاق بالجملة، نحتل المركز الاول عالمياً في الطلاق بسبب مشاكل جنسية ومع ذلك نحتل المركز الاول على مستوي العالم في التحرش الجنسي !!
اضطرابات هرمونات الانوثة لدي المرأة المصرية تسجل ارقام قياسية هي الاخري، اضافة الى ان الجسد المصري الهزيل لم يعد يتحمل الدورة الشهرية التي اصبحت تسبب الانيميا لـــ 10 % من النساء في مصر (1)، الى جانب الأورام التى راحت تغزو أرحام المصريات حتي اصبحنا نستأصل 165 الف رحم سنوياً بسبب تلك الاورام (2).
و المرض – سواء العجز الجنسي للرجال او الاضطراب الهرموني للنساء و الجهل بالثقافة الجنسية لدي الطرفين – لا يعتبر عيباً في حد ذاته، و لكني استخدم تلك الحقائق كمدخل لفهم العقلية المصرية الحديثة، فنحن نعيش فى عصر مولع بالجنس و لا يعرف كيف يمارسه، اصبح الجنس لوثة العصر بينما السائرون في الشوارع اشباه رجال واشباه نساء.
علاقة المصريين بالجنس تكشف اسرار علاقتهم بكل شئ، الفتيان حلم عمرهم الظفر باعجاب و اجساد النساء، و العكس صحيح، و الكل يرتدي الملابس و يفعل الافعال من اجل الظفر بالمكافأة الكبري، بينما الطرفين لا يعرفون و لا يقدرون على هذا الفعل، سواء القدرة المعرفية او الجسدية.
يخيل لي ان هذه هي طبيعة علاقتنا بالسياسة و الاقتصاد و الدنيا و الحياة و الكون بأسره، ندعي اننا نعرف و نفهم ونقدر على كل شئ، أمة الــ 85 مليون فيلسوف ومنظر في فنون الجنس، بينما الحقيقة وقت الجد جهل و مرض و فشل و تخبط.

الكل يتظاهر والكل يدعي والكل يمثل على مسرح الحياة، يمكنا أن نستخدم واقعة "جنسية" أخري لفهم ما آل اليه المجتمع المصري و العقلية المصرية في
مصر 2000-2010.
ففي ابريل 2010، كشفت مديرة مدرسة أن هنالك فيديو متداول بين طالبات المدرسة يظهر قيام زميلة – طالبة مثلهم – بممارسة الجنس مع مدرس اللغة العربية، فسارعت بتقديم بلاغ، و اتضح من التحقيقات أن الطالبة تمارس الجنس بموافقتها ولكنها لم تكن تعرف ان عشيقها/أستاذها يصورها (3).
بالطبع ظهر أن الطالبة ليست الحالة الاولي أو الاخيرة في مكتبة فيديوهات الاستاذ الداعر.
نلاحظ هنا أن الضحية المضحوك عليها فعلت ما فعلته برضا تام، والطالبات بدلاً من الابلاغ عن مدرسهم و زميلتهم راحوا يتبادلون الفيديو في تلذذ و شبق و ربما تشفي ايضاً، لم يتحرك منهم أحد الا مديرة المدرسة .. نحن شعب لا يتحرك ابداً حينما يري الخطأ و الخطيئة، ارقام غير رسمية نشرتها جريدة اليوم السابع عام 2010 تشير الى ان 90 % من الرجال في مصر لا يتحركون حينما يروا حوادث تحرش او اغتصاب تجري امام اعينهم.
اشعر في هذه الواقعة تحديداً بتجسد المجتمع المصري بكل فئاته، فاسد يغتصب الرعية، و بدلاً من قيام الرعية بالدفاع عن نفسها، تتلذذ بما يجري وتجعله برضاها التام، وحينما تعرف باقي الرعية بما يجري، و بدلاً من محاولة ايقاظ الضحية، او الابلاغ غن الفاسد، فقد جري استمتاع خفي و لذيذ بشذوذ هذا الوضع، بينما مديرة المدرسة تمثل الـ 1 % المحترم الباقي في المعادلة المسماه بالمجتمع المصري.

لقد حملت هذه الوقائع و وقائع اخري الى واحد من أهم الاطباء النفسيين في
مصر – وطلب مني عدم ذكر اسمه في الدراسة – و كان لي سؤال واحد .. هل هذه فحولة ؟؟ هل هذا رجل له قدرات جنسية اكبر من طاقته او طاقة زوجته لذا يسعي الى المزيد من العلاقات ؟؟ و كان سؤالى عن وقائع اخري كثيرة جرت في مجتمعنا فيما يتعلق بنفسية الفاسد الذى يطلب ويلح و يسترسل في الرشوة الجنسية او العلاقات الجنسية.
وكانت أجابة الطبيب النفسي الشهير ان العكس هو الصحيح، هذا الفاسد غير قادر على اقامة علاقة جنسية سوية أو في ظروف طبيعية، لذا يستغل منصبه و ما تحت يده من سلطات من أجل السيطرة على الضحية وجعلها تقبل برضاها او دون رضاها في بعض الحالات الاخري بالممارسات الجنسية.
أذن، حتى حالات الفساد التي يكون الجنس طرفاً فيها، أو بطلاً لها، لا تعني مطلقاً أن اطراف تلك الحالة قادرين على ممارسة الجنس بشكل طبيعي من الاساس، بل هى تأكيد على مرضهم الجنسي و النفسي.
ورغم كل هذا الجهل و الوهن و الخرف الجنسي الذى يصدع في كافة اركان المجتمع، الا اننا نتحدث ليل نهار عن الجنس، وعن فنونه و مهاراته، الكل يقص و يحكي أروع القصص عن اروع اداء .. كلام المصريين عن الجنس هو خير مدخل لفهم الكيفية التي يناقش بها المصريين اي مناقشة، الكل ينظر و يبدع و يتحدث عن شئ يجهله و لا يعرف نفسياً أو بدنياً او فكرياً كيف يمارسه بشكل صحيح.
الغريب أن كل ما يجري بخصوص علاقة المصريين بالجنس يحدث في الولايات المتحدة الامريكية !!، ربما ليست نفس القضايا و لكن الانهيار واحد، الشعب الامريكي به انفتاح جنسي واخلاقي يجعل الجنس امراً سهلاً وبسيطاً ومع ذلك المشاكل الجنسية للجميع مرتفعة للغاية، و تغطي آلة الدعاية الامريكية عن الامر باظهار المجتمع الامريكي مجتمع فائق القوة في الممارسة الجنسية، بينما الاحصاءات الرسمية لعام 2010 تظهر أن معدل الامريكان في ممارسة الجنس منخفض بشدة عن المعدل العالمي، 20 % من الامريكان المتزوجين يمارسون الجنس 8 مرات سنوياً ، و أكرر "سنوياً"، ممارسات الجنسية غير الآمنة مثل الجنس الشرجي منتشرة بشدة في المجتمع الامريكي الى درجة ان واحد من كل اربعة في المجتمع الامريكي مارس هذه الممارسات الجنسية (4) التي تنقل الامراض و تسبب هزال في الصحة العامة بل و الافراط المبالغ فيها يؤدي الى الوفاة، بل ان تقرير اصدرته قناة الــــ CNN عام 2010 أكد أن هنالك جهاز اقتصادي في الدولة الامريكية مسئوليته مراقبة السوق الاقتصادي الامريكي، و ان موظفي وموظفات هذا الجهاز لم ينتبهوا لعملهم مما "تسبب" في الازمة الاقتصادية التي عصفت بامريكا و الاقتصاد العالمي منذ عام 2008 و حتي يومنا هذا، و أن سبب انشغال الموظفين و الموظفات في هذا الجهاز الاقتصادي الحكومس الحساس هو مطالعة الموظفين و الموظفات للمواقع الجنسية من اجهزة كومبيوتر عملهم !! (5)
تقرير لهيئة رقابة حكومية أمريكية كشف أن الغالبية الساحقة من موظفى هيئة الأوراق المالية والتداول فى الولايات المتحدة، التى تناط بها مهمة مراقبة البورصة والشركات، كانوا طوال فترة الأزمة المالية التى أدت إلى دفع أمريكا والعالم إلى حافة الانهيار غارقين فى متابعة المواقع الجنسية وتحميل صور العراة.
ويقول التقرير الذى حصلت CNN على نسخة منه أن الموظفين والعاملين بدوامات جزئية فى الهيئة «عددهم ٣٣ شخصاً» أمضوا ساعات طويلة كل يوم فى استخدام أجهزة الكمبيوتر الحكومية لأهداف جنسية.
ويشمل التقارير أدلة واضحة وتفصيلية، بينها أن مديرة أحد المكاتب الفرعية دخلت إلى مواقع جنسية ١٨٠٠ مرة خلال أسبوعين، باستخدام أجهزة حكومية !! ، كل هذا يحدث في مجتمع مفتوح و حر في ممارسة الجنس وقتما يشاء !!.
إعلام العولمة الامريكية له الدور الاكبر في تدهور علاقة البشر بالممارسة الجنسية، والامر متعلق بتاريخ ونشأة الاعلام في الولايات المتحدة الامريكية، اذ حينما بدأت المجتمعات و الدويلات تؤسس عبر المستعمرات في القارة الامريكية، و بدأت الشركات التجارية تسعى الى الاعلان عن منتجاتها و السلع الخاصة بها.

هنا وقع القائمون على الاعلام – البدائي وقتذاك – في حيرة شديدة، ففي كل دولة هنالك مجتمع له هوية و عادات و ثقافات، حتى لو كان مجتمع متعدد الأعراق او الأديان
أو اللهجات او اللغات فان هنالك هوية عامة للدولة، بينما أمة المستعمريين التي اصبحت لاحقاً الامة الامريكية هي أمة بلا هوية، لا يوجد شئ يجمع بينهم الا قتل سكان امريكا الاصليين و الادعاء بأن هجرتهم الى الاراضي الامريكية هي هروب من اضطهاد ديني زائف في اوروبا، و ان ما يقومون به هو تأسيس لمملكة الرب و ارض الميعاد في اورشليم الجديدة.
ولكن مع اعلان ما سمى وقتذاك الولايات المتحدة الامريكية، و مع تطور العقلية الامريكية الصناعية و الاعلامية، توصل القائمون على الاعلام/الاعلان الامريكي الوليد الى فكرة هامة غيرت شكل الاعلام منذ هذا الفجر و حتي عصرنا هذا، فكرة أن البشر قد يختلفون في الشكل او الجنسية او الهيئة او العادات او التقاليد، ولكن الغريزة الجنسية موجودة في الجميع، وعلى الاعلان الجيد أن يربط سلعته او بضاعته او حتي افكاره بهذه الغريزة التي تعتبر – وفقاً لاباء الاعلام الامريكي – هي اقوي مؤثر فى قرارات الانسان الحياتية و ليست الشرائية فحسب.
وهكذا صنع فجر جديد للاعلام في العالم أجمع، ونقل هذا الفكر فوراً الى الراديو، ثم الى الجهاز الوليد – السينما – و منه الى التلفزيون و حتي الاعلام الموجه عبر الانترنت.
الاعلام هو اكبر مصدر للافكار الجنسية في الكون كله، و ادي هذا التطور الفكري واستغلاله لكافة ادوات التطور التكنولوجي الى اعتناق البشر افكار و ممارسات عن الجنس بعيدة كل البعد ان الفطرة، و ادي هذا الفكر الى اعطاء الجنس هالة من القداسة والمتعة المبالغ فيها، وادي الامر في مجملة الى افساد علاقة الانسان بالجنس، و بدلا من استمرارها بشكلها الفطري، تحولت هي الاخري الى صناعة .. يصطنع اليوم الانسان شهواته و ممارساته الجنسية على ضوء ما يتفاعل معه من افلام و اعلانات بها ما لذ وطاب من إيحاءات صريحة او غير صريحة لافكار جنسية مبالغ في صياغتها حتي ترسخ افي أذهان الجمهور آخر شئ يمكن أن يتعلق بالجنس، ترسخ فكرة شراء منتج ما أو سلعة ما، ترسخ انتخاب مرشح ما أو شخص ما مرشح لجهة ما، ترسخ اختيار شخص ما لمهنة ما، كل فعل جنسي في الاعلان أو السينما او الانترنت و حتي الحياة اصبح ورائه اليوم فكرة ما يتم زرعها في رؤوس البشر عبر عرض مشهد/ممارسة جنسية.
زرع الافكار بالجنس هى الفكرة التدميرة التي توصل لها الاعلام الامريكي في بداية صنع الامة الامريكية، و لكنها فكرة بطبيعة الحال ادت الى فساد علاقة الجنس ذاتها مع البشر.
.........
.........
جريدة نيويورك تايمز الأمريكية بتاريخ 16 ديسمبر 2011 قالت أن سيدة من بين كل خمس نساء أمريكيات تعرضت للاغتصاب وأن ثلث النساء الأمريكيات تعرضن للاعتداء الجنسي والعنف الجسدي على يد شريك حميم و ذلك خلال عام 2010 .
وتقدم الدراسة - التي أعدتها مراكز أمريكية لمكافحة الأمراض - لمحة مزعجة عن الحياة الخاصة للمرأة في أمريكا، وخصوصا لسوء المعاملة خلال العلاقة التي غالبا لا يتم الإبلاغ عنها.
وكشفت الدراسة عن أن ضحايا الاغتصاب أو أشكال أخرى من العنف الجسدي يمكن أيضا أن يكونوا أكثر عرضة للمعاناة من الأمراض النفسية نتيجة لهذه الإعتداءات.

وأشارت إلى أنه تم جمع بيانات المسح في عام 2010 من خلال إتصالات هاتفية
مع 16500 من الأميركيين البالغين.
وأظهرت النتائج أن حوالي 12 مليون أمريكي وقعوا ضحايا للاغتصاب والعنف الجسدي، حيث يقع 24 ضحية لهذه الانتهاكات في الولايات المتحدة كل دقيقة.
وأشارت إلى أن معظم حالات الإغتصاب التي تعرض لها النساء كانت في فترات شبابهن حيث ذكرت أن 80 بالمائة ممن تعرضت للاغتصاب أنهن استهدفن قبل سن 25 عاما،
وأكدت أن العنف الجنسي ضد المرأة لا يزال متوطنا في الولايات المتحدة أكثر مما كان يعتقد في السابق.
وأوضحت ان رجلا من بين كل سبعة رجال في أمريكا تعرض للعنف الجسدي على يد شريك حميم بينما تعرض 1 من بين كل 71 رجلا اي ما بين 1 إلى 2 بالمائة من رجال أمريكا تعرض للاغتصاب الكثير منهم كان ضحية للاغتصاب قبل بلوغه سن الحادية عشرة.


جزء من كتاب  "الجمهورية المظلومة .. انهيار امة و سقوط نظام" للكاتب إيهاب عمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق