الجمعة، 9 مارس 2012

الساحة المثلية الجنسية تعزز حضورها في تونس وتثير جدلا واسعا ماذا لو حدث فى مصر مع صعود الطيار الإسلامي ؟!!


خرجت الساحة المثلية التونسية إلى العلنية بعد الثورة التي أعطتها دفعا جديدا وغذت آمالا في الحصول على حقوقها كاملة أو على الأقل في حماية قانونية وفي بعض التقبل من المجتمع الذي طالب بالحرية والكرامة... فصدرت مجلة إلكترونية موجهة للمثليين وإذاعة تعنى بقضاياهم مثيرة جدلا واسعا طال الأوساط السياسية، بين مرحب ومستنكر.

الكاتبة التونسية ألفة يوسف تتحدث عن المثلية الجنسية في الإسلام 

بدأت فكرة مجلة "غايداي" الإلكترونية والمتخصصة في مسائل المثلية الجنسية والموجهة أساسا إلى المثليين في الشرق الأوسط والمغرب العربي في التبلور منذ مارس/آذار 2011 وصدر العدد الأول العام الفائت الذي لم يلفت انتباها كبيرا خاصة وأن الإعلام كان في ذلك الحين مشتتا وغارقا وسط طوفان من النشرات الجديدة والأخبار الواردة من كل حدب وصوب.
ويعرف محررو "غايداي" بخطهم معلنين على موقعهم "نريد أن نكون بيئة تفاعلية سليمة لمواجهة التحديات والدفاع عن حقوق الإنسان والتعامل مع المواضيع المختلفة من منظور المثليين أنفسهم" ويبدو أن المجلة تطمح إلى تقديم فضاء يتيح للمثليين التعبير عن آرائهم ومناقشة قضاياهم والاطلاع على أخبارهم إضافة إلى تغطية للأخبار المحلية والدولية الكبرى. وهذه التجربة التونسية هي الثانية في المغرب العربي إذ أصدرت مجلة مثلية في المغرب عام 2010.

لكن ومنذ العدد الثاني لـ"غايداي" الذي يظهر صورة مغرية لفتى يلبس "الكوفية" العربية، صارت القضية محل جدل واسع ارتقى إلى المجال السياسي وفجر كل التناقضات والتجاذبات... ففي الوقت الذي رحب فيه البعض بالمجلة، عنونت مثلا صحيفة "المشرق" "في وقت تمنع فيه المنقّبة من الدّراسة و التّدريس, صحيفة للشواذ جنسيّا في تونس" في إشارة إلى منع المنقبات من حضور الدروس في الجامعات التونسية وكل ما نتج عنه من اضطرابات وصدامات...
وشجع "النجاح" المتزايد لموقع المجموعة التونسية للمثليين والمتحولين جنسيا، على بدء بث أول إذاعة تونسية خاصة بالمثليين وهي في مرحلة اختبار منذ 3 أشهر وتبث برامجها على الإنترنت مرتين أو ثلاثة في الأسبوع لمدة 90 دقيقة. وأكد فادي مؤسس مجلة "غايداي" في حديث مع موقع "تونيزي هو ديبي" أن هذا النجاح يقاس بعدد زيارات الموقع التي "تصل إلى 1400 زيارة يومية".
وأكد بلال أحد مؤسسي الإذاعة "تونيزي هو ديبي" أنها ليست عملية إعلانية ولا تبحث عن استفزاز المحافظين بل تريد فقط "إيصال صوت المثليين التونسيين إلى العالم"، لكن سرعان ما يتساءل بلال عن الاهتمام الحكومي الجديد بالإعلام المثلي فيقول "نحن متواجدون منذ عام فلا نفهم سبب هذا الاهتمام المباغت بنا في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة صعوبات للسيطرة على المشاكل الاجتماعية والأمنية التي تمر بها البلاد، فهل هذا من قبيل الصدفة ؟" ويشير بلال بقوله إلى احتمال استغلال الحكومة التونسية لهذه المسألة من أجل إلهاء الناس عن القضايا الهامة التي تطرح اليوم في تونس.

واتصلنا بأمين وهو مثلي تونسي يبلغ 35 سنة من العمر وفضل الاحتفاظ بلقبه، الذي روى لنا ما أثارته المجلة من نقاشات وصراعات عنيفة على صفحات "فيس بوك" بين مرحب مشجع ورافض شاتم وقال أمين "أنا أحتفي بحرية التعبير بصفة عامة

ولا فرق عندي بين مجلة مثلية أو مجلة أخرى فبالنسبة لي كل فضاء يفتح إمكانية للتعبير أنا أرحب به، والمثلية الجنسية ظاهرة موجودة في تونس حيث يوجد أربعة أو خمسة مثليين في كل حي وعادة ما يتجاهلهم الناس رغم معرفتهم بالوضع، فأظن أن المجلة خطوة طيبة لأن الكثير من المراهقين يعانون من التكتم في المجتمعات العربية الإسلامية. لكن أرى من ناحية أخرى أن هذه الجرأة يمكن أن يدفع أصحابها الثمن باهظا إذ يعرض أصحاب المجلة أنفسهم لخطر التهديدات وربما الضرب أو الاعتقال لأسباب مفبركة. بالنسبة لي، يجب التحضير لإخراج المثلية الجنسية من السرية إلى العلنية بصفة استراتيجية ومضمونة على المدى البعيد. فالمجتمع التونسي ليس مستعدا لقبول هذه الظاهرة خاصة حاليا ونحن على أبواب انتخابات تشريعية يستغل فيها السياسيون مثل هذه القضايا التي يربطونها بالفسق، فأنا على قدر ما أرحب بالمجلة على قدر ما أجدها مبادرة غير حذرة تعتبر بمثابة هدية من ذهب للإسلاميين الذين يغذون مشروع حكم مطلق".

وزير حقوق الإنسان يعارض بشدة إصدار مجلة مثلية 

وعرف موقف حزب النهضة الإسلامي الفائز بأغلبية المقاعد في المجلس التأسيسي تذبذبا حيال المثليين فكانت تصريحاته توحي قبل الانتخابات بأن الملحدين والمثليين الجنسيين ليس لهم ما يخشونه من فوزه. وتؤكد حركة النهضة في شعارها على ضرورة احترام الحريات الفردية فتقول "إن الحرية وتكريم الذات البشرية هما جوهر رسالة الإسلام ومحور نضال حركتنا وتضحية رجالها ونسائها، ونؤمن بأن الإنسان خلق حرا ويجب أن يعيش حرا، ولا نقر بأي شكل من أشكال الإكراه في مجال الاعتقاد والتعبير وخيارات الأفراد والجماعات وفق مبدأ إسلامي أصيل" لا إكراه في الدين"".
حتى أن وليد البناني القيادي في حركة النهضة ونائب في المجلس التأسيس أكد أنه ضد معاقبة "الشواذ جنسيا".




لكن سرعان ما تعالت الأصوات المنددة بأساليب التعاطي مع ظاهرة السلفية التي يرى فيها تشددا مقارنة بمسائل أخرى ومنها المثلية الجنسية فتساءل المحامي والناشط الحقوق فتحي العيوني رئيس حزب الأمانة خلال ندوة نظمتها إحدى الجمعيات "لماذا لا يتم التعاطي مع ظواهر اجتماعية أخرى تجتاح مجتمعنا مثل عبدة الشيطان والشذوذ الجنسي والتثقيب وغيرها؟ لماذا نهول ظاهرة ونقزم أخرى؟".
وهدد سمير ديلو عضو حركة النهضة والوزير المكلف بحقوق الإنسان خلال برنامج على قناة حنبعل التونسية بمنع مجلة "غايداي" معبرا عن معارضته الشديدة للمثلية الجنسية معتبرا أن "حرية التعبير لها حدود" ورغم اعترافة بوجود هذه الظاهرة في تونس، تحدث سمير ديلو عن "ضرورة مراعاة خطوط حمراء يحددها تراثنا وديننا وحضارتنا".





ونددت منظمة العفو الدولية بهذه التصريحات في رسالة موجهة إلى سمير ديلو ورأت أنها "تقوض حقوق الإنسان" ودعت الوزير إلى "التراجع عن تصريحاته" والإعلان الصريح عن حفظ حقوق الإنسان لكل التونسيين.
واتصلنا بالمحامية والناشطة الحقوقية بشرى بالحاج حميدة التي قالت إنها لم تعد مستعدة للحديث في هذا الموضوع الذي "صار يوظف بصفة سطحية من أجل حملات انتخابية وأنا ضد استغلال مسألة حرية فردية لخدمة أغراض انتخابية، ولا يوجد اليوم أي حزب سياسي يملك الأخلاق اللازمة للنظر والحوار الهادئ والجدي في الموضوع". وأحالتنا بشرى بالحاج حميدة إلى مقابلة مع رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي مع صحيفة لوموند الفرنسية في 18 أكتوبر 2011 أكد فيها أن أي مثلي جنسي "يمكنه الانخراط في حزب النهضة إذا احترم قوانينها ومبادئها. نحن لن نتدخل في أفعاله الشخصية، لكن عليه أن يحترم كذلك مبادئنا التي تعارض تصرفاته، إن كانت مثلية أم أخرى". وعزز الجبالي هذا التناقض السلس مؤكدا أنه "لا توجد في تونس عقوبات خاصة بالمثليين. هناك قوانين جنائية يجب على الجميع احترامها. أظن أن القانون التونسي يعالج هذه المشكلة"... ويعاقب القانون التونسي ممارسة "اللواط" بالسجن ثلاث سنوات.





فرانس 24

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق