الأربعاء، 4 يناير 2012

"فورين بوليسي" الأمريكية: عشر حروب محتملة عام 2012



نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية
، تقريرا تتوقع فيه أن تندلع عشر حروب أو صراعات في مناطق متفرقة في جميع أنحاء العالم خلال العام المقبل 2012.

وأوردت المجلة في تقريرها - الذي أعدته بالتعاون مع مجموعة الأزمات الدولية - ونشرته على موقعها الالكتروني، أن سوريا هي أولى تلك المناطق التي قد تندلع فيها الحرب، حيث يتوقع الكثيرون سقوط نظام الأسد وتحسن الأوضاع بعد ذلك هناك.
غير أن المجلة أشارت إلى أن تلك التوقعات مغلوطة، وذلك يرجع لأن هناك عملية استقطاب طائفي، بينما على الجانب الآخر توجد رهانات استراتيجية والتي زادت من حدة التنافس بين اللاعبين الدوليين على الساحة السورية، والذين يرون الأزمة السورية على أنها فرصة تاريخية لإحداث تغيير في ميزان القوة في المنطقة، وأن هذا التنافس يمثل خطرا حقيقيا على إمكانية نجاح الانتقال السلمي في سوريا.

وتوقعت المجلة أيضا أن تندلع الحرب بين إيران وإسرائيل، وذلك على الرغم من نجاحيهما في العبور بسلام على مستوى الأزمة السورية، إلا أن القضية النووية الإيرانية قد تطيح بهذا السلام وفقا للمجلة، خصوصا بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير الذي سلط الضوء على عدم التعاون الايراني مع الوكالة، بالإضافة للانتخابات الأمريكية القادمة، والتي ستقحم الدعم لإسرائيل على الأجندة الأميركية أكثر من أي وقت سابق، مما سيوجد بيئة مناسبة لإسرائيل لاتخاذ إجراء يمكن أن يتسبب في عواقب كارثية غير متوقعة.

وعلى الصعيد ذاته، استمرت أفغانستان في تواجدها على مسرح الأحداث بالنسبة للمجلة، وذلك بسبب الفشل في إيجاد استقرار بهذا البلد الذي تعصف به الحروب، على الرغم من مرور عقد كامل من الاستعدادات الأمنية والتنموية والإنسانية لأفغانستان، كما أن قيادة حركة طالبان في مدينة كويتا ترى أن مسألة النصر والحصول على السلطة بدت قريبة المنال، وأن عليهم أن ينتظروا حتى يحين وقت إتمام انسحاب القوات الأمريكية المخطط له في عام 2014، مما قد يتسبب في اندلاع حرب أخرى هناك.

وتناولت المجلة الوضع في باكستان، وذلك بسبب تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان بسبب الأحداث الأخيرة، واعتبرت أن الانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية في هذا البلد لم يتبلور بعد بشكل صحيح، بسبب تحكم الجيش المستمر في السياسات الخارجية والأمنية ذات الأهمية، وأن المتشددين الاسلاميين يتسببون في زعزعة الاستقرار في البلاد، مما قد يجعل باكستان تسقط في صراع داخلي يصعب عليها تفاديه.

وأشارت المجلة إلى أن اليمن تقف في منتصف الطريق، بين منزلق العنف والأمل الضعيف في طريقها نحو الانتقال السلمى للسلطة، خصوصا مع وجود مجموعات مسلحة تتنازع على السلطة، منها عائلة الرئيس اليمني على عبد الله صالح، والجنرال المنشق، والأخ غير الشقيق لصالح، علي محسن الأحمر، بالإضافة للتحدي الأكبر، إذ قد يطالب نشطاء في جنوب اليمن باستقلال فوري عن البلاد من جانب، بينما يمكن أن يطالب الحوثيون في شمال اليمن بحقوق أكبر لمجتمعهم والحصول على الحكم الذاتي.

ودخلت منطقة آسيا الوسطي وفقا لتقرير المجلة في دائرة المناطق التي قد تندلع بها الحروب، وذلك بسبب انهيار البنية التحتية تماما لدول هذه المنطقة، بالإضافة لتآكل النظام السياسي بسبب الفساد والتحديات الأخرى التي تواجه دول مثل طاجاكستان، التي تواجه خطر حركات التمرد داخليا وخارجيا، كما أن قرغيزستان ليس بعيدة عن هذا، حيث أن المذابح العرقية في الجنوب التي وقعت في عام 2010 يمكن أن تندلع مرة أخرى، بما يعرض البلاد لكارثة عبر جولة أخرى من العنف الطائفي.

وتناولت المجلة الأوضاع في بروندي، حيث إن هشاشة التطمينات التي تصدرها الحكومة هناك بعد اندلاع الحرب الأهلية في عام 2000، وتدهور المناخ السياسي هناك الذي جاء بعد مقاطعة انتخابات عام 2010، والتي أسفرت عن اندلاع أعمال العنف وحالة عدم الأمان، أمور تنذر باندلاع حرب أهلية هناك خلال عام 2012ـ وفقا لتوقعات المجلة.

وأشارت المجلة إلى إعادة انتخاب الرئيس جوزيف كابيلا في جمهورية الكونغو الديمقراطية كرئيس للبلاد مرة أخرى، وهو الأمر الذي لم يرضي معارضيه، بعد أن شابت هذه الانتخابات شبهة التزوير، بالإضافة إلى أن كابيلا استطاع خلال حكمه الذي استمر لخمس سنوات أن يجذب إلى جانبه العديد من المؤسسات القومية، تاركا معارضيه بوسائل قليلة، يمكنهم من خلالها التعبير سلميا عن معارضتهم له.

وألمحت المجلة في سياق تقريرها إلى احتمالية نشوب حرب بين كينيا والصومال، وذلك بسبب الحملات العسكرية الأخيرة في الصومال ضد حركة شباب المجاهدين، وأن طول بقاء القوات الكينية - ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي - في جنوب الصومال، أصبح غير مرحب به من الشعب الصومالي، وذلك وسط وجود تمييز إثني صومالي ملحوظ، بالإضافة إلى النسبة السكانية الكبيرة للمسلمين في كينيا، والذين ينتقدون بشدة الحملات العسكرية الكينية في الصومال، مما يثير مخاوف حول وجود احتمال حدوث هجمات عرقية ضد الإثنيات الصومالية في كينيا، خصوصا قبل الانتخابات العامة هذا العام، حيث نشبت أحداث عنف عرقية في أعقاب انتخابات عام 2007.

وألمحت المجلة في تقريرها إلى 
فنزويلا، حيث يوجد بها أعلى معدل للقتل في هذا النصف من الكرة الأرضية، وهو المعدل الذي يعد ضعف معدل كولومبيا، وثلاثة أضعاف المكسيك، وإن معظم ضحاياه من الشباب الفقراء الذين يقتلون لأسباب لا قيمة لها، مثل هاتف محمول أو ما شابه، وقد توقعت المجلة تزايد معدلات هذا العنف قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، بعد تسليح الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز لقطاعات من الميليشيات المدنية "للدفاع عن الثورة" حسب تعبيره، وهو الأمر الذي دفع بالمجلة لإدراجها على قائمة الدول التي يمكن أن تندلع بها الحروب.

واختتمت المجلة تقريرها بالحديث عن دولتين تتغلب فيهما احتمالات الاستقرار فيهما على احتمالات نشوب الحرب، وهذان البلدان هما 
تونسوميانمار، حيث توقعت المجلة احتمالية ضئيلة لنشوب صراع في تونس من جانب السلفيين الذين قد همشوا بعد فوز حزب النهضة المعتدل بالانتخابات هناك، أو من قبل مدن الطبقات العاملة التي تعاني من التدهور الاقتصادي بعد خلع الرئيس التونسي بن علي.

وأشارت المجلة إلى أن الدولة الأخرى هي ميانمار، حيث أشادت بالخطوات التي اتخذت نحو الديمقراطية مؤخرا، مثل تنحي الجيش بعيدا عن القيادة والسياسة، والإفراج عن رمز المعارضة أونج سان سو كوي، غير أن المجلة اعتبرت أن هذه الخطوات غير كافية بعد، حيث توجد هناك مطالبات بخروج العديد من معتقلي الرأي الآخرين، بالإضافة إلى تمرير قانون جديد للإعلام سيقلل من قبضة الرقابة، وتوقيع اتفاقيات وقف النار مع الجماعات الإثنية المسلحة، وذلك للتأكيد على عدم إساءة استخدام الجيش لسلطاته مستقبلاً في النزاعات على الحدود.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق